أخبار

صٌنع في إيران.. “العين الإخبارية” تقتفي شحنات تهريب السلاح للحوثي


لطالما جعلت إيران أسلحتها المضادة للدروع والدبابات، في خدمة مليشيات الحوثي، عبر تهريبها إلى اليمن تحت جنح ظلام البحار، بعيدا عن أعين الرقيب.

وأثبتت عمليات مصادرة الأسلحة المهربة المتجهة للحوثيين، والتي كان آخرها خلال الأيام الماضية في محافظة المهرة (شرق اليمن) أن تهريب إيران دخل منعطفا جديدا وغير مسبوق، في نقل الأسلحة لاسيما الصواريخ المضادة للدروع إلى أحضان المليشيات.

وتستهدف إيران من خلال تغذية مليشيات الحوثي المستمرة بمنظومة الصواريخ المضادة للدروع إلى تأخر حسم المعركة على الأرض، وإطالة أمد حرب اليمن.

وتعد عملية تهريب أجيال صواريخ “Kornet”، أحدث حلقة في تهريب إيران لشحنات السلاح من مخزوناتها، حيث يتضح أن هذه الترسانة لا تتوفر إلا للجيوش النظامية الحديثة وتعد طهران المستخدم الأخير.

وحرص الحرس الثوري الإيراني إلى تهريب صواريخ إيرانية الصنع مستنسخة من صواريخ روسية وأمريكية من طراز صواريخ “دهلاوية أو ديهلافييه” و”طوفان أو توزان”.

8 سنوات من التهريب

في هذا التقرير تتبع “العين الإخبارية”، عبر رصد العمليات البارزة والمعلنة منذ 2015-2022 شحنات الأسلحة المهربة المتجهة للحوثيين من خلال السفن الحربية متعددة الجنسيات، وكذا أوكار الأسلحة التي عثر عليها من قبل قوات التحالف العربي والقوات اليمنية.

وتبين أن التاريخ والعلامات على الصواريخ المضادة للدروع إيرانية الصنع من طراز Dehlaviyeh و Toophan كانت غالبا حديثة الصنع، إذ لم يمر على صناعتها عام كامل، حتى هربت للمليشيات الحوثية.

وتحولت الأسلحة الموجهة أو الصواريخ الحرارية إلى ركيزة رئيسية في ترسانة أسلحة الحوثيين في جبهات المعارك المباشرة، أبرزها “صعدة” و”الساحل الغربي” و”مأرب” و”شبوة” حيث المواجهات المصيرية، أو خلال استهداف شاحنات نقل المساعدات في مخالفة للقانون الدولي.

تهريب مبكر برا وبحرا

أسفر رصد “العين الإخبارية”، عن توثيق طفرة غير مسبوقة في حجم تهريب الأسلحة للحوثيين على وجه التحديد الصواريخ المضادة للدروع ما يشير إلى ما يفوق قدرات المليشيات على مستوى بناء شبكات التهريب المعقدة وتمويلها لضمان التدفق برا وبحرا.

وبالعودة للوراء 8 أعوام، وتحديدا بعد انقلاب مليشيات الحوثي أواخر 2014، كثفت إيران عمليات التهريب لهذا النوع من الصواريخ المضادة للدروع باكرا جوا وبرا وبحرا وعبر كل المنافذ الذي سارع الانقلابيون إلى السيطرة عليها.

فعلى سبيل المثال قبل أيام من انطلاق عاصفة الحزم وتحديدا في مارس/ آذار 2015، رست سفينة في ميناء الحديدة كانت تحمل شحنة كبيرة من الصواريخ الإيرانية الصنع، بينها أعداد كبيرة مضادة للدروع من طراز ديهلافييه وطوفان.

وبعد انطلاق عاصفة الحزم التي تحل ذكرى انطلاقها الـ8 بعد أيام، لم يتوقف الإيرانيون يوما واحد عن تهريب الأسلحة للحوثيين ضمن جهد حثيث لطهران لتزويد ذراعها باليمن بسلاح أكثر فتكا على الأرض.

وكانت أحد أهم عمليات المصادرة قد جرت في سبتمبر/ أيلول 2015، عندما استولت قوات التحالف بقيادة السعودية على زورق إيراني قبالة سواحل مدينة صلالة العمانية، محمل بشحنة أسلحة مختلفة منها 54 صاروخا موجها للدبابات من طراز Toophan أو “طوفان” الإيراني وهو نسخة إيرانية من صاروخ “9M113 Konkurs”.

وبحسب مراكز الدراسات المتخصصة في تتبع الأسلحة فإنه لم يسبق العثور على هذه الصواريخ الإيرانية في أي مكان في العالم، حيث صممتها طهران بشكل دقيق، عبر عدة شركات، كمنظمة صناعات الطيران الإيرانية وصناعات الإلكترونيات الإيرانية وشركة ريان رشد أفزار المختصة عادة بصناعة أجهزة التصويب الحرارية.

أدلة متنوعة.. من المصنع إلى المعركة

وفرت عمليات الضبط للشحنات المهربة للأسلحة المتجهة للحوثيين، أدلة بارزة على استمرار تدفق الأسلحة المستمر واختراق إيران للحظر المفروض بموجب قرار مجلس الأمن 2216.

وعثرت السفينة الحربية الفرنسية “أف أس بروفانس” على 9 صواريخ موجّهة مضادة للدروع روسية الصنع من طراز “9M133-1 Kornet” صُنعت ضمن دفعتي إنتاج عام 2008، وذلك بين فبراير/ شباط ومارس/آذار 2016.

وبحسب تقرير لمركز أبحاث التسليح، وهو منظمة دولية مقرها بريطانيا، فقد عثر القوات الإماراتية العاملة وقتها ضمن التحالف بقيادة السعودية في سبتمبر/ أيلول 2016، على وكرين لأسلحة صواريخ “كورنيت”، التي هربت برا إلى اليمن.

أحد الأوكار كان في سواحل تعز الغربية وقد اتضح من خلال الرقم التسلسلي الخاص تلك الصواريخ، أنه ينتمي إلى نفس الأرقام التسلسلية لصواريخ “Kornet” الـ9 التي عثرت عليها سفينة “أف أس بروفانس” الفرنسية.

واعتبر التقرير البحثي حينها تطابق الأرقام التسلسلية أحد الأدلة الدامغة على ارتباط سفن التهريب الإيرانية بالمقاتلين الحوثيين، على الجبهات الأمامية، وإلى وجود خط بحري لتهريب الأسلحة من إيران إلى الصومال ثم إلى اليمن.

كما تضمّن وكر تعز الذي عثر عليه وقتها صاروخاً موجّهاً مضاداً للدروع صُنع في إيران عام 2015 من طراز “ديهلافييه” (وهو نسخة إيرانية من صاروخ “Kornet”)، بمعنى أنه أنتج قبل عام واحد من عملية ضبطه.

بعد عامين من ذلك وتحديدا في أكتوبر / تشرين الأول 2018، كانت “العين الإخبارية” حاضرة لدى عثور الجيش اليمني في مديرية باقم شمالي محافظة صعدة، المعقل الأم للحوثيين، على كهف يضم كمية من الصواريخ الحرارية المضادة للدروع، ووثقت تاريخ صناعتها التي تعود إلى ديسمبر / كانون الأول 2017، أي قبل عام واحد من صناعتها وتهريبها لليمن.

وفي عام  2018 أيضا، أشار تقرير إلى أن التحالف العربي بقيادة السعودية عثر على صواريخ مضادة للدروع تحمل خصائص الصناعة الإيرانية وأن العلامات عليهما تشير إلى إنتاجها في إيران في العامين 2016 و2017.

وأرجعت مصادر عسكرية يمنية لـ”العين الإخبارية”، وجود الأسلحة الإيرانية خلال عام واحد من صناعتها في معارك مليشيات الحوثي إلى الاستخدام الرئيسي لميناء الحديدة (غرب) كنافذة بحرية لتهريب الأسلحة من السفن الإيرانية، أو عبر زوارق بحرية تنطلق من سواحل الصومال، بالإضافة إلى المنافذ البرية والبحرية في المهرة (شرق).

بحر العرب.. التهريب مستمر

صادرت قوات بحرية في ديسمبر/ كانو الأول 2019 شحنة إيرانية في بحر العرب، تتضمن صواريخ متقدمة بينها صواريخ مضادة للدروع، واعتبرها فريق الخبراء لدى اليمن دليلا على استمرار منظومات صواريخ أكثر تطوراً للحوثيين ما يُشكل انتهاكاً لحظر الأسلحة.

وفي فبراير/ شباط 2020، صادرت البحرية الأمريكية شحنة أسلحة على متن زورق كان متجها للحوثيين يضم نحو 150 صاروخًا مُضادًا للدبابات من نوع “دهلاويه” (ATGM)، وهي نسخ إيرانية من صواريخ كورنيت الروسية.

وبين أبريل/ نيسان، ويونيو/ حزيران 2020 ضبطت قوات التحالف العربي شحنتين قبالة سواحل المهرة وفي حضرموت شرقا، كانت في طريقها إلى الميليشيات الحوثية وتضمنت اأسلحة مختلفة بينها صواريخ حرارية مضادة للدروع.

وفي مايو/ أيار 2021، ضبط الأسطول الخامس الأمريكي شحنة سلاح تضم العديد من هذا النوع من الصواريخ المضادة للدبابات التي تصنع إيران نسخا مطورة منها.

ويشير آخر تقرير لخبراء الأمم المتحدة لليمن إلى أن شحنة ضبطت في أغسطس/ آب 2021، على متن مركب شراعي، حوت نوع 50 صاروخا مضاد للدبابات من طراز M1119 وM1139 المصنوعة بين عامي 1978-1999 في الاتحاد السوفيتي ما يحتمل أن يكون من مخزونات حكومية يرج أنها لإيران.

الشحنة الأخيرة

ذات النوع من الصواريخ لكن من تصنيع 2021، ضبطتها الجمارك اليمنية في 8 مارس/ آذار الجاري 2022 في منفذ شحن في المهرة على الحدود العمانية وتضم الشحنة أكثر من 52 صاروخ كورنيت يرجح أنه من طراز دهلاوية.

وكانت هذه آخر عملية يتم فيها ضبط صواريخ مضادة للدبابات “كورنيت” صدرت إلى إيران أو تم تطوير نسخ منها في طهران قبل أن يتم تهريبها برا وبحرا لمليشيات الحوثي الإرهابية في العام التالي من صناعتها.

ووفقا للخبير العسكري اليمني المقدم وضاح العوبلي فإنه  عمليا تستخدم مليشيات الحوثي هذه الصواريخ الموجهة حراريا ضد المدرعات والدبابات، وفي الهجوم على مواقع الخط الأمامي وقد تحاول استخدامها في حالة واحدة ضد مروحيات الأباتشي لدى تحليقها على ارتفاع منخفض فوق مناطق صحراوية تحيط بها مرتفعات جبلية.

وأوضح الضابط اليمني لـ”العين الإخبارية”، أن جميع عمليات التهريب الأسلحة للحوثيين يديرها النظام الإيراني عبر أساليب وطرق متعددة وشبكات معقدة تنتهك بالغعل وبشكل أكثر خطورة القرارات الدولية لحظر الأسلحة للمليشيات بما في ذلك قرار محلس الأمن الأخير.

Related Articles

Back to top button